من فيروس منظومة النهب والفساد الى جائحة كوفيد 19 المستجد 2/2
يمنات
عبد الجبار الحاج
للمستضعفين عين الرحمة والعين الحمراء على المفسدين
بما ان الفساد ساد وتسيد على مقدرات هذا البلد أباح واستباح وما برح يستبيح كل حق من حقوق الملايين لأربعة عقود متواصلة فما بالنا أن ندعو هذا النمط من طبقة الفساد القيام بواجبها الانساني المحض في مواجهة كل ظرف استثنائي كلما طراء.
وفي مواجهة وباء كورونا كظرف استثنائي عالميا وفي ظل ظروف وطنية استثنائية هي الاخرى اطارا استثنائيا أوسع فرضها واقع حرب عدوانية واحتلال لاجزاء واسعة من تراب اليمن وبحرها والجزر بما هي كذلك امتداد للحظة ثورية.
فاذا ما عدنا لاسباب تلك الثورة على انتكاستها او تعطلها فان اهدافها لازالت ماثلة امامنا اليوم بأكثر مما كان عليه الحال و مشروعيتها عند الإنطلاقة.
فهل لنا أن نبدأ من حيث وضعتنا اقدارنا ان نكون ومنها نخطو الخطوة الاولى كل من موقعه وارادته حيث يجب ان يكون..؟..
فليكن…..
عندما عين الاستاذ سليم مغلس محافظ لمحافظة تعز تزامن تسلمه المسؤلية مع تفشي جائحة الوباء عالميا..
واجه ماهو اخطر من احتياجات مواجهة الوباء بما سخر من الممكن والمتاح..
حيث سارع الى اللجؤ لجملة من الاجراءات الوقائية التي هي بالحد بالادنى كفيلة بمحاصرة الوباء وتغطيتها بالممكن والمتاح..
لكنه وجد في ذات الوقت ادارة محلية في المديريات ومكاتب حكومية هي بيت الداء وبيئة الوباء الخصبة في غالب الاحوال، فبحسب منطق اللامسؤلية المعتادون عليها تجاه ظروف طارئة استثنائية بحسب التصريح ..اذ يتعاطون مع هكذا أوضاع كما لو انهم غير معنيين بحسب موقع المسؤلية والمنصب الذي يحتلون .. وفي سلوكها ودورها كما لو انها وجدت لتأخذ من هذا البلد ومن هذا خزينة الشعب ومن هذا المواطن كل ما طالته ايديهم وليس بالتي هي …. بل باليد التي هي ابشع اظلم..
في اليمن كشف الفيروس المستجد كارثيات تشريعات الخصخصة في مجالات الخدمات في ميادين كالصحة والتعليم منذ النصف الثاني من التسعينات انصياعا لاوامر المؤسسات المالية الرأسمالية وتنفيذا لروشتة البنك الدولي واقتداء وتقليدا اعمى للغرب الرأسمالي..
بمقارنة بسيطة لخدمات الصحة والتعليم فقط في اليمن خلال السبعينات والثمانينات فان الوضع كان انذاك ارفع بما لا يقارن مع حالنا في العقدين الاخيرين..
ففي الجنوب زمن التشطير رغم الحصار الاقتصادي كانت الدولة تؤمن التطبيب والدواء المجاني وكانت المراكز الصحية تغطي كل المناطق يما يفي وحاجة السكان من مستلزمات ضرورية وأدوية مجانية. ذلك ان الدولة كانت تلتزم نهج العدالة الاجتماعية، وهو نهج اثبتت التجارب صوابه وعدالته وخطر الخصخصة.
وفي الشمال رغم ان النظام كان رهينة الرجعية السعودية ويلتزم نهجا معاديا ومخالفا لنهج العدالة الاجتماعية.
حال المؤسسة الصحية اليوم صفر مع فارق الزمن والتطور فان وضع الصحة في منتصف السبعينات والثمانينات لجهة الدور العام لايقارن بما آل اليه الوضع الصحي المتدهور باطراد خلال عقدين ونصف وتدهوره المتسارع منذ تنفيذ قوانين الخصخصة المدمرة وسيادة الخاص التجاري على المشافي وتدمير الحد الادنى من خدمات الصحة.
كانت وجهة اعتراضي على خيار الاستقالة للاستاذ سليم فيما لو لم يستجيبوا له، وجهة تنطلق من معرفتي بأن هؤلاء الذي اعتادوا ما اعتادوا من روتين وسلوك مناقض للمسؤلية كما جاء في تصريحه.
وتقديري على ان هؤلاء المعنيون لهدف التغيير يطيب لهم منك احد امران: أما ان تدعهم وما هم عليه وسيكونون معك الى الابد .. وأما إن تمسكت بما دعوتهم اليه فامر الاستقالة يبلغهم مأمنهم ومنيتهم.
فأي سبيل امامك..؟
بين العدالة والظلم خط فاصل ولكل فئة عينك و يدك التي تناسب..
فعين الرحمة على الضعفاء من الفقراء والمساكين واليد هي تلك التي تحميهم و تتحسس اوجاوعهم وتمنحهم حق العيش الكريم.
والعين الحمراء على من طغى وافسد وكنز واكتنز واستأثر واستحوذ..
عندما لم تدرك الناس خطر السياسيات والاجراءات عند صدورها وهي في شكل حزمة القرارات اول الامر او انها تختار مواقف حزبية تأييدا لحزبها لا التزاما بمصالح شعبها .. فانها لاتدري باخطار تلك السياسات عليها ومن تعول الا بعد ان تكون تلك القرارات التي كانت خطاء منهجيا قد صارت جحيما وموتا بعد مضي سنوات او عقود.
ومع ذلك هل ندرك ما حل بنا والى متى يستمر حالنا الصحي البائس..
في امريكا على عظمتها تجاوزت احصائيات الوفاة من كورونا ال 100,000 انسان وفي بريطانيا تجاوزت الوفيات ال 48000.
الاستشهاد بالارقام المفجعة عن دول عظمى مجرد رسالة للذين لايزالون يرون في نهج التوحش الرأسمالي هداهم ومهتداهم على طريق التقدم الذي يدعون.
فمنتهى هدى هؤلاء هو ناطحات السحاب لي وحدي ومدن الزنك والقش حولي للملايين،
ولي ماتفيض به المناجم وعليكم شغل المعاول..
لي ثروة الوطن وعلى الملايين خدمة (وطني!!!).
قلنا ان اليمن وعن وضعها الصحي فحدث ولاحرج .. مشافي الخاصة للتجارة .. وهي مجرد مكاتب محض تجارية لا تمد للمجتمع يد المساعدة بل تبحث في الكوارث والأوبئة عن فرص الربح.
…..
في كل العالم كشف كورونا المستور وكشف الواقع قبح الانظمة الرأسمالية وغياب دولة الرعاية الاجتماعية وباتت الدولة على ذلك النحو مجرد أوعية وقنوات توظفها طبقات المال.
باتت طبقة المال تحت مفهومية الدولة تشرعن باسم الدولة لاجوهرها وعبر هيئاتها الشكلية المصادرة باسم ديمقراطية هي الاخرى صودرت ماهيتها الحقوقية بمضمونها الاقتصادي الاجتماعي الى مجرد مهرجانات انتخابية وقاعات فرز لبطاقات اقتراع في لعبة لخصها احدهم بقوله:
( ..في لعبتنا الانتخابية المرشح هو من يختار ناخبيه وليس الناخب هو من يختار المرشح ..)
اليوم امريكا تعيش حالة القشة التي قصمت ظهر البعير ولليوم الثالث على التوالي تجتاح مينابوليس مظاهرات واحتجاجات شعبية.
في مقابل النموذج البشع لأنظمة امريكا ومثيلاتها في الغرب .. لِنَنظر الى الصين حيث يقطنها اكثر من ثلث سكان العالم والدولة التي اجتاحها الوباء قبل غيرها..
كيف استطاعت في ظل دولة الرعاية الاجتماعية ومدى انضباط و التزام الدولة تجاه مواطنيها و رعاياها في آن ..
و من هذه المقارنة نجد الخط الفاصل بين دولة الرعاية ودولة العصابة..